الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر **
في أولها عسكر مُؤنس الخادم بباب الشَماسية ومعه سائر الجيش فكتب له المقتدر رقعة يبالغ في الخضوع له ويستعطفه فطالبه بإخراج هارون بن غريب الخال وكان صديقا لمؤنس فقلده الثغور وسار ليومه فلما كان من الغد اتفق مؤنس وأبو الهيجاء بن حمدان ونازوك على خلعه. وهرب ابن مقلة والحاجب وهجم مؤنس وأكثر الجيش إلى دار الخلافة وأخرج المقتدر وأمه وخالته وحرمه إلى دار مؤنس وردّ هارون فاختفى فأحضروا محمد بن المعتضد من الحبس وبايعوه ولقّبوه: القاهر بالله وقلدوا ابن مقُلة وزارته ووقع النهب في دار الخلافة وبغداد وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع وجلس القاهر من الغد وصار نازوك حاجبه فجاءت الجند ودخلوا وطلبوا رزق البيعة ورزق السنة ولم يأت يومئذ مؤنس وعظم الصياح ثم وثب جماعة على نازوك فقتلوه وقتلوا خادمه ثم صاحوا يا مقتدر يا منصور فتهارب الوزير والحجاب والقاهر صاروا إلى مؤنس ليرد المقتدر وسُدت المسالك على القاهر وأبي الهيجاء ثم حاسب نفسه وقال: يا أبي ثعلب أأُقتل بين الجدران أين الكُمَيت أين الدهماء فرماه كما جور بسهم في ثديه وآخر بسهم في نحره ثم حز رأسه وأحضروا المقتدر وألقي بين يديه الرأس ثم أسر القاهر وأتي به إلى المقتدر فاستدناه وقبل جبينه وقال: أنت لا ذنب لك يا أخي وهو يقول: الله الله يا أمير المؤمنين في نفسي فقال: والله لا نالك مني سوء وطيف برأس نازوك ورأس أبي الهيجاء ثم أتى مؤنس والقضاة وجددوا البيعة للمقتدر فبذل للجند أموالًا عظيمة باع في بعضها ضياعًا وأمتعة وقلد الشرطة محمد بن رائق وأخاه إبراهيم. وماتت ثمل القهرمانة التي تجلس للناس بدار العدل وحج بالناس منصور الديلمي فدخلوا مكة سالمين فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي فقتل الحجاج قتلا ذريعًا في المسجد وفي فجاج مكة وقتل أمير مكة ابن محارب وقلع باب الكعبة واقتلع الحجر الأسود وأخذه إلى هجر وكان معه تسعمائة نفس فقتلوا في المسجد الحرام ألفا وسبع مائة نسمة وصعد على باب البيت وصاح: أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأقتلهم أنا وقيل إن الذي قتل بفجاج مكة وظاهرها زهاء ثلاثين ألفا وسبى من النساء والصبيان نحو ذلك وأقام بمكة ستة أيام ولم يحج أحد. قال محمود الأصبهاني: دخل قرمطي وهو سكران فصفر لفرسه فبال عند البيت وقتل جماعة ثم ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسر منه قطعة ثم قلعه وبقي الحجر الأسود بهجر نيفًا وعشرين سنة وقد بسطت شأنه في التاريخ الكبير. وفيها قتل بمكة الإمام أحمد بن الحسين أبو سعيد البردعي شيخ حنيفة بغداد أخذ عنه أبو والحافظ الشهيد أبو الفضل الجارودي محمد بن الحسين بن محمد بن عمار الهروي قتل بباب الكعبة روى عن أحمد بن نجدة وطبقته ومات كهلًا. وفيها توفي أحمد بن محمد بن أحمد حفص بن مسلم أبو عمرو الجبري المزني من كبار شيوخ نيسابور ورؤسائها روى عن محمد بن رافع والكوسج ورحل وطوف وتوفي في ذي القعدة. وفيها حرمي بن أبي العلاء المكي نزيل بغداد وهو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أبي حميضة الشروطي كاتب أبي عمرو القاضي روى عن كتاب النسب عن الزبير بن بكار. وفيها القاضي المعمر أبو القاسم بدر بن الهيثم اللخمي الكوفي نزيل بغداد روى عن أبي كريب وجماعة. قال الدارقطني: كان نبيلا بلغ مائة وسبع عشرة سنة. وفيها الحسن بن محمد أبو علي الداركي محدث أصبهان في جمادى الآخرة روى عن محمد بن حميد الرازي ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وطائفة. وفيها البغوِي أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ليلة عيد الفطر ببغداد. وله مائة وثلاث سنين وشهر وكان مُحدثًا حافظا مجودًا مصنفا. انتهى إليه علو الإسناد في الدنيا فانه سمع في الصغر بعناية جده لأمه أحمد بن منيع وعمه علي بن عبد العزيز وحضر مجلس عاصم بن علي وروى الكثير عن علي بن الجَعد ويحيى الحمّاني. وأبي نصر التمار وعلي بن المديني وخلق وأول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين وِمائتين. وكان ناسخا مليح الخط نسخ الكثير لنفسه ولجده وعمه وكان يبيع أصول نفسه. وفيها علي بن أحمد بن سليمان بن الصيقل أبو الحسن المصري ولقبه علان المعَدل روى عن محمد بن رمح وطائفة وتوفي في شوال عن تسعين سنة. وفيها محمد بن أحمد بن زهير أبو الحسن الطوسي حافط مصنف سمع إسحاق الكَوسج وعبد الله بن هاشم وطبقتهما وما أطنُه ارتحل. وفيها محمد بن رَيان بن حبيب أبو بكر المصري في جمادى الأولى سمع زكريا بن يحيى كاتب العمَري ومحمد بن رمح وعاش اثنتين وتسعين سنة. سنة ثماني عشرة وثلاثمائة توفي فيها القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي الحنفي الأنباري الأديب أحد الفصحاءِ البلغاءِ وله سبع وثمانون سنة رَوى عن أبي كُرَيب وطبقته وولي قضاءَ مدينة المنصور عشرين سنة وله مصنف في نحو الكوفيين. وفيها أحمد بن محمد المغلس وفيها إسماعيل بن داود بن وَردَان المصري البزاز رَوى عن زكريا كاتب العمَري ومحمد بن رمح وتوفي في شهر ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة. وفيها أبو بكر الحسن بن علي بن بشار بن العلاّف البغدادي المقرئ صاحب الدّوري وكان ظريفا اديبا نديما للمعتضد ثم شاخ وعمي وهو صاحب مرثية الهرّ: يا هّر فارقتنا ولم تعدْ وفيها أبو عَروبة الحسين بن أبي معشر محمد بن مودود السّلمي الحراني الحافظ مَحدث حران وهو في عشر المائة روى عن إسماعيل بن موسى العّدّي وطبقته بالجزيرة والعراق والشام ورحل الناس إليه. وفيها سعيد بن عبد العزيز أبو عثمان الحلبي الزاهد نزيل دمشق صحب سريا السقطي وروى عن أبي نعيم عبيد بن هشام الحلبي وأحمد بن أبي الحوري وطبقتهما وقال: أبو أحمد الحاكم كان من عباد الله الصالحين بن محمد. وفيها أبو بكر عبد الله بن مسلم الإسفراني الحافظ المصنف وله ثمانون سنة. روى عن الحسن بن محمد الزعفراني. والذهلي وطبقتهما. ورحل الكثير. وفيها محمد بن إبراهيم بن فيروز. أبو بكر الأنماطي. ببغداد سمع أبا حفص الفلاس وطبقته. وفيها يحيى بن محمد بن صاعد الحافظ الحجة أبو محمد البغدادي مولى بني هاشم. في ذي القعدة وله تسعون سنة. عني بالأثَر وجمع وصنف وارتحل إلى الشام والعراق ومصر والحجاز. وروى عن لُوين وطبقته. قال أبو علي النيسابوري: لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحد في فهمه والفهم عندنا أجل من الحفظ وهو فوق أبي بكر بن أبي داود في الفهم والحفظ.
|